اللسعة
كانَ يرقُدُ وقتَذاك جِواري
حينَ كُنَّا في غُرفةِ المَشْفى العَتِيقْ
كِلانا غارقٌ في همِّهِ يتأوَّه
يتلوَّى .. يشكو آلاماً وضِيقْ
ما تحاورنا حينَ تسكُتُ الآلامُ عنَّا
إلتزمنا السَهْوَ والصمتَ العميقْ
تبدو منا نظراتٌ شاحباتٌ بالنهارْ
والليالي قاسياتٌ عامِراتٌ بالشَهيقْ
هو لا يقدر على المَشْيِ وأنا أتَوكأْ
خوف أن أسقطَ في نصفِ الطريقْ
بين طاوِلَةٍ في الرُكنِ غَصَّتْ بالدواءِ
وسريرٍ بالغِِ الكُلفَةِ ذي فَرشٍ أنيقْ
إن تعثَّرتُ وزَلَّت قدماي
فهي السَقطَةُ هل منها أفيقْ؟
بعدَ أنْ هدَّني الداءُ وزادَ نُحُولي
وعَزَّ في الغُربةِ رَهطٌ أو صَديقْ!
ثم حلَّ الصَحوُ بعد الكَرْبِ ضيفاً
فأعتلى الوجهينَ بِِِشْرٌ وبَريقْ
قلتُ: كم قاسيتَ أوجاعاً عِظاماً
فما الخَطْبُ أيها الجارُ اللصيقْ؟
قال وقد أعترى الوجهَ الشُحُوبُ
وإكتسى الجِيْدُ المًجَّعدُ بالعُروقْ
جئتُ فجراً.. كانَ عُمري رُبعَ قَرنٍ
وهو الآنَ قرنٌ إلا رُبعٍ يا رفيقْ!
هنا يُعصَفُ بالعُمرِ فيمضي كثوانٍ
مثلما تعصِفُ الريحُ بذرَّاتِ الدقيقْ!
كانَ قلبي يهفو دوماً للإيابِ
كحبيبٍ غالَبَ الشَوقَ سنيناً أو عشيقْ
كي أحيلَ البؤسَ في بلادِ السندِ رغداً
وأبني للعلياءِ جِسراً وطريقْ
ولكنْ يا لضَيعَةَ العُمرِ وجَهدي
صارت أحلامي كَهشيمٍ في حريقْ!
فهل كانَ نوماً لاإرادياً طويلاً
أم هي الآمالُ ما بَرِحَتْ تسوقْ؟!
كُلُّنا قد هبَّ يعْدو لا يُبالي
إلى حيث يغفو النحلُ في الظِلِّ الوريقْ
ولكن ما نجا من لسعةِ النحلِ يقيناً
جُلُّ من جاءَ يجتثّ الرحِيقْ!
.................................
ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2011/11/27/243964.html