مسرحْ سُوداطيرْ
في البَدءِ إِغرورقتْ عَينا إبنتي فَرَحا
فقد هبَّ النسيمُ حامِلاً خبرا ..
(تأكَّدَ الحجزُ في سُوداطيرْ طائرِ السَعْدِ)
فأسعدْ بطيرٍ أضحى للوطنْ رمزا
لم ينمْ أحدٌ في البيتِ ليلتَها
الكلُّ إستنفرَ النفسَ للُقْيا غدا..
لُقْيا الأحبَّةِ والأصحابِ كُلِّهِمِ
يا للبُعادِ وهجرِ الأهلِ ما أقسى
الهاتِفُ النَشوانُ يرِنُّ طولَ الليلْ
ربما فَرِحاً بإجازةٍ ينالها أيضا!
الناسُ خلفَ البحرِ تستفسِرْ:
وصولُ الطائرِ الميمونِ إلى الدِيارِ متى؟
وصغيرتي سَهِرتْ ترُدُّ في شَغَفٍ:
تمامُ الرابِعةْ غداً عصرا
********.
في الغدِ الموعودِ تكشَّفَ المستورْ
فدخلنا مسرحَ سُوداطيرْ كُلُّنا قَسْرا
مسرحٌ عبثيْ .. يَعُجُ بالجمهورْ
المَشاهِدُ فيهِ حيَّةٌ تَـتْـرى!
المشهدُ الأولْ
أنبرى الناطِقُ الرسميُ مُنشرِحا
يزُفُّ إلينا أجملَ البُشْرى:
جاءنا خبرٌ من الخُرطومِ في عَجَلٍ
طرِبَتْ له الأجواءُ والصالاتُ مُجتمِعةْ
الطائرُ الميمونُ غادرَ الخُرطومَ من زمنٍ
والوصولُ بحفظِ اللهِ هنا عصرا
الإقلاعُ في الموعِدِ المضروبِ من قبلٍ
فهُبّوا إلى (الوَزنِ) إستنهضوا الهِمَما
المشهدُ الثاني
أطلَّ علينا الناطقُ الرسميُّ مُنقبِضا
بعد سَبْعٍ من الساعاتِ رُحْنَ سُدى!
أكَّدَ التأخيرَ في الخُرطومِ عن عُطْلٍ
الإصلاحُ جارٍ وربَّما حَطَّتْ هُنا فجرا
المشهدُ الثالث
اختفى الناطقُ الرسميُ كُلِّياً
وجاءنا آخرٌ يخطو تجاه الحَشدِ مبتئساً
قال إنَّ الحَلَّ استعصى على الخُبَراءِ كُلِّهِمِ
ومجلسُ الطيرِ لا يرى حًلاَّ ولا أملا!
مِسكُ الختام
إغْرورقتْ عَينا إبنتي مرةً أُخرى
وسالتْ على خَدِّها دمعةٌ حَرَّى
تفطَّرَ القلبُ مِنِّي حُزناً على أملٍ
عني وعن ابنتي بقسوةٍ ولّى
فقلتُ علامَ الدمعُ يا كًبِدي
أمِنْ حزنٍ على ما ضاعَ من لُقْيا؟
أمْ على الطائرِ (الرمزِ) الذي سقطَ
فجئتِ تبكينَ فيهِ الوطنْ كَمدا؟!
...............................
ـ نُشرت هذه القصسدة فى موقع دنيا الرأى رابط :